أكذب المنجمين والأطباء الذين يتكلمون فى الهيئات والطبائع بقوله:«ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ» : وبيّن أن ما يقولونه من إيجاب الطبائع لهذه الكائنات لا أصل له فى التحقيق.
«وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً» : أي لم أجعل للذين يضلّون الناس عن دينهم بشبههم فى القول بالطبائع حجة، ولم أعطهم لتصحيح ما يقولونه برهانا.
ويقال إذا تقاصرت علوم الخلق عن العلم بأنفسهم فكيف تحيط علومهم بحقائق الصمدية، واستحقاقه لنعونه إلا بمقدار ما يخصّهم به من التعريف على ما يليق برتبة كل أحد بما جعله له أهلا؟
ويقال أخبر أنّ علومهم تتقاصر عن الإحاطة بجميع أوصافهم وجميع أحوالهم وعن كلّ ما فى الكون، ولا سبيل لهم إلى ذلك ولا حاجة بهم إلى الوقوف على ما قصرت علومهم عنه، إذ لا يتعلّق بذلك شىء من الأمور الدينية. فالإشارة فى هذا أن يصرفوا عنايتهم إلى طلب العلم بالله وبصفاته وبأحكامه، فإنه لا بدّ لهم- بحكم الديانة- من التحقق بها إذ الواجب على العابد معرفة معبوده بما يزيل التردد عن قلبه فى تفاصيل مسائل الصفات والأحكام «١» .