للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمّا استبعدوا قدرة الله فى الإعادة أراهم فى أنفسهم عيانا، ثم لم ينفع إظهار ذلك لمن لم يشحذ بصيرته فى التوحيد. ومن قويت بصيرته لم يضره عدم تلك المشاهدات فإنهم تحققوا بما أخبروا، لما آمنوا به بالغيب.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٤٤]]

وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤)

يعنى إن مسّكم ألم فتصاعد «١» منكم أنين فاعلموا أن الله سميع لأنينكم، عليم بأحوالكم، بصير بأموركم. والآية توجب تسهيل ما يقاسونه من الألم، وقالوا:

إذا ما تمنى الناس روحا وراحة ... تمنيت أن أشكو إليك فتسمع

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٤٥]]

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)

سمّى القرض قرضا لأنه يقطع «٢» من ماله شيئا ليعطيه للمقترض، والمتصدّق لما يقطع الصدقة من ماله سميت صدقته قرضا، فالقرض القطع، ولكن هذه التسمية لحفظ قلوب الأحباب حيث خاطبك فى باب الصدقة باسم القرض ولفظه.

ويقال دلّت الآية على عظم رتبة الغنيّ حيث سأل منه القرض، ولكن رتبة الفقير فى هذا أعظم لأنه سأل لأجله القرض، وقد يسأل القرض من «٣» كل أحد ولكن لا يسأل لأجل كل أحد. وفى الخبر «مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودرعه مرهونة عند أبى شحمة اليهودي على شعير أخذه لقوت عياله «٤» أبصر ممّن اقترض ولأجل من اقترض! ويقال القرض الحسن ما لا تتطلع عليه لجزاء ولا تطلب بسببه العوض.


(١) وردت (فقصاعد) وواضح أنها خطأ فى النسخ.
(٢) أخطأ الناسخ فجاءت (يقع) وقد اخترنا (يقطع) لتناسب القرض ... القطع كما سيذكر بعد.
(٣) وردت (عن) والصحيح والملائم للسياق أن يقال (من) .
(٤) للحديث بقية ( ... ولم يترك دينارا ولا درهما، ولم يقسم له ميراث ولم يوجد له فى بيت أثاث) البخاري ومسلم والترمذي عن عائشة (توفي ودرعه مرهونة عند يهودى بثلاثين) ، وعن البيهقي بثلاثين صاعا من الشعير، والترمذي والنسائي والبيهقي عن ابن عباس بعشرين صاعا من طعام أخذه لأهله. وسنده حسن، ولم يترك ولا درهما، مسلم عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>