لا أحد أظلم ممّن ذكّر ووعظ بما لوّح له من الآيات، وبما شاهده وعرفه من أمر أصلح أو شغل كفى أو دعاء أجيب له، أو سوء أدب حصل منه، فأدّب بما يكون تنبيها له، أو حصلت منه طاعة وكوفىء فى العاجل إمّا بمعني وجده فى قلبه من بسط أو حلاوة أو أنس، وإمّا بكفاية شغل أو إصلاح أمر.. ثم إذا استقبله أمر نسى ما عومل به، أو أعرض عن تذكّره، ونسى ما قدّمت يداه من خيره وشرّه، فوجد فى الوقت موجبه..
ومن كانت هذه صفته جعل على قلبه سترا وغفلة وقسوة حتى تنقطع عنه بركات ما وهبه.
ويقال من أظلم ممن يستقبله أمر مجازاة لما أسلفه من ترك أربه فيتّهم ربّه، ويشكو مما يلاقيه، وينسى حرمة الذي بسببه أصابه ما أصابه؟ وكما قيل:
وعاجز الرأى مضياع لفرصته ... حتى إذا فات أمر عاتب القدرا
«غفور» : لأنه ذو الرحمة، ورحمته الأزلية أوجبت المغفرة لهم.
ويقال «الْغَفُورُ» : للعاصين من عباده، و «ذُو الرَّحْمَةِ» بجميعهم فيصلح أحوال كافتهم.
«لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا» : لعجّل لهم العذاب أي عاملهم بما استوجبوه من عصيانهم، فعجّل لهم العقوبة، لكنه يؤخرها لمقتضى حكمته، ثم فى العاقبة يفعل ما يفعل على قضية إرادته وحكمه.