للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى المناقضة، وكان القوم أصحاب تمييز وتحصيل، فقياس مثل هذا يدعو إلى العجب. ولكن لولا أن الله- سبحانه- لبّس عليهم كما قال: «فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ» «١» - وإلا ما كان ينبغى أن يخفى عليهم جواز هذا مع وضوحه «٢» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الرعد (١٣) : آية ١١]]

لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١)

الكناية فى: «لَهُ مُعَقِّباتٌ» راجعة إلى العبد، أي أن الله وكل بكلّ واحد منهم معقبات وهم الملائكة الذين يعقب بعضهم بعضا بالليل والنهار يحفظون هذا المكلّف وذاك «٣» من أمر الله، أي من البلاء الذي بقدرة الله. يحفظونهم بأمر الله من أمر الله، وذلك أن الله- سبحانه- وكل لكلّ واحد من الخلق ملائكة يدفعون عنهم البلاء إذا ناموا وغفلو، أو إذا انتبهوا وقاموا ومشوا ... وفى جميع أحوالهم.

قوله جل ذكره: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ، وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ إذا غيّروا ما بهم إلى الطاعات غيّر الله ما بهم منه من الإحسان والنعمة، وإذا كانوا فى نعمة فغيّروا ما بهم من الشكر لله تغيّر عليهم ما منّ به من الإنعام فيسلبهم ما وهبهم من ذلك، وإذا كانوا فى شدة لا يغير ما بهم من البلاء حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أخذوا فى التضرع، وأظهروا العجر غيّر ما بهم من المحنة بالتبديل والتحويل.

ويقال إذا غيروا ما بألسنتهم من الذّكر غير الله ما بقلوبهم من الحظوظ فأبدلهم به النسيان


(١) آية ٩ سورة يس.
(٢) هنا وضع الناسخ علامة على سقوط مساحة من النص، ومن المؤسف أنه لا يوجد استدراك لذلك فى الهامش ويقع فى هذه المساحة تفسير للآيات من (٥ إلى ١٠) من السورة.
(٣) فى النسخة (وهذا) ولكننا آثرنا أن نجعلها (وذاك) حتى نزيد السياق إيضاحا ونمنع الليس إذ ربما يظن أن (وهذا) الثانية مبتدأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>