ويقال شهادة الأعضاء فى القيامة مؤجّلة، وشهادتها فى المحبة اليوم معجّلة من صفرة الوجه إذا بدا المحبوب، وشحوب اللون، ونحافة الجسم، وانسكاب الدموع، وخفقان القلب، وغير ذلك.
يجازيهم على قدر استحقاقهم للعابدين بالجنان والمثوبة على توفية أعمالهم، وللعارفين بالوصلة والقربة على تصفية أحوالهم فهؤلاء لهم علوّ الدرجات، وهؤلاء لهم الأنس بعزيز المشاهدات ودوام المناجاة.
«وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ» : فتصير المعرفة ضرورية فيجدون المعافاة من النّظر وتذكّره، ويستريح القلب من وصفي تردّده وتغيّره:(لاستغنائه ببصائره عن تبصّره)«١» .
ويقال لا يشهدون غدا إلا الحقّ فهم قائمون بالحق للحق مع الحق، يبيّن لهم أسرار التوحيد وحقائقه، ويكون القائم عنهم، والآخذ لهم منهم من غير أن يردّهم إليهم.
«الْخَبِيثاتُ» : من الأعمال وهى المحظورات «لِلْخَبِيثِينَ» : من الرجال المؤثرين لها طوعا، والذين يجنحون إلى مثل تلك الأعمال فهم لها، كلّ مربوط بما يليق به فالفعل لائق بفاعله، والفاعل بفعله فى الطهارة والقذارة، والنفاسة والخساسة، والشرف والسّرف.
ويقال «الْخَبِيثاتُ» : من الأحوال وهى الحظوظ والمني والشهوات لأصحابها والساعين لها. والساعون لمثلها لها، غير ممنوع أحدهما من صاحبه، فالصفة للموصوف ملازمة، والموصوف لصفته ملازم.
(١) هكذا فى النسختين، ويكون مراد القشيري أنه لم يعد مجال للتبصر فقد أصبح الشهود عيانا، وتحققت لهم الرؤية البصرية التي لم ينالوها فى الدنيا، ونفهم أن القشيري لا يرى الرؤية العيانية إلا فى الآخرة.