للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمستغنى عنّا يهيم على وجهه، وإذا مسّه الشرّ فذو دعاء كثير، وتضرّع عريض، وابتهال شديد، واستكشاف «١» دائم.

ثم إذا كشفنا عنه ذلك فله إلى عتوّه ونبوّه عود، ولسوء طريقته في الجحود إعادة.

قوله جل ذكره:

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٥٣ الى ٥٤]

سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (٥٤)

«سَنُرِيهِمْ» : السين للاستقبال أي سيظهر لهم من الآيات، ومن الأحداث التي تجرى فى أحوال العالم، وما سيحلّ بهم من اختلاف الأمور ما يتبيّن لهم من خلاله أنّ هذا الدّين حقّ، وأنّ هذا الكتاب حقّ، وأن محمدا- صلى الله عليه وسلم- حقّ، وأن المجرى لهذه الآيات والأحداث والأمور والمنشئ له هو الحقّ- سبحانه.

ومن تلك الآيات ما كان من قهر الكفار، وعلوّ الإسلام، وتلاشى أعداء الدين.

ويقال من تلك الآيات في الأفاق اختلاف أحكام الأعين مع اتفاق جواهرها في التجانس..

وهذه آيات حدوث العالم، واقتضاء المحدث لصفاته.

«وَفِي أَنْفُسِهِمْ» : من أمارات الحدوث واختلاف الأوصاف ما يمكنهم إدراكه.

ويقال: «فِي الْآفاقِ» للعلماء، «وَفِي أَنْفُسِهِمْ» لأهل المعرفة مما يجدونه من العقاب إذا ألمّوا بذنب، ومن الثواب إذا أخلصوا في طاعة.

وكذلك ما يحصل لهم من اختلاف الأحوال من قبض وبسط، وجمع وفرق، وحجب


(١) الاستكشاف والاستصراف طلب كشف الغمّة وصرفها

<<  <  ج: ص:  >  >>