للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله جل ذكره:

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٦٠]]

إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠)

المؤمنون نصرته لهم بالتوفيق للأشباح ثم بالتحقيق للأرواح.

ويقال ينصركم الله بتأييد الظواهر وتسديد «١» السرائر.

ويقال للنصرة إنما تكون على العدو، وأعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك.

والنصرة على النّفس بأن تهزم دواعى منّتها بعواصم رحمته حتى تنفضّ جنود الشهوات بهجوم وفود المنازلات فتبقى الولاية لله خالصة من شبهات الدواعي التي هى أوصاف البشرية، وشهوات النفوس وأمانيها، التي هى آثار الحجبة وموانع القربة.

«إِنْ يَخْذُلْكُمْ» الخذلان التخلية مع المعاصي، فمن نصره قبض على يديه عن تعاطى المكروه، ومن خذله ألقى حبله على غاربه، ووكله إلى سوء اختياره، فيفترق عليه الحال فى أودية الشهوات، فمرة يشرّق غير محتشم، وتارة يغرّب غير محترم، ألا ومن سيّبه الحق فلا آخذ بيده، ومن أسلمه «٢» فلا مجير له.

«وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» : فى وجدان الأمان عند صدق الابتهال، وإسبال ثوب «٣» العفو على هناة الجرم عند خلوص الالتجاء، بالتبري من المنّة والحول.

ويقال لما كان حديث النصرة قال: «فَلا غالِبَ لَكُمْ» ، ولما كان حديث الخذلان لم يقل «فلا ناصر لكم» بل قال بالتلويح والرمز: «فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ» :

وفى هذا لطيفة فى مراعاة دقائق أحكام الخطاب.


(١) من السداد.
(٢) أي أسلمه إلى نفسه:
(٣) وردت (ثواب) ، والملائم للاسبال: (ثوب) ولذلك آثرناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>