للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال بشارة بالخلّة وتمام الوصلة.

ويقال إن الخلّة والمحبة بناؤهما كتمان السّرّ فيعلم أنهم أرسلوا ببشارة ما ولم يكن للغير اطلاع، قال قائلهم:

بين المحبين قول لست أفهمه

ويقال إن تلك البشارة هى قولهم: «سَلاماً» وأن ذلك كان من الله، وأىّ بشارة أتمّ من سلام الحبيب؟ وأىّ صباح يكون مفتتحا بسلام الحبيب فصباح مبارك، وكذلك المبيت بسلام الحبيب فهو مبارك.

قوله: «فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ» : لمّا توهمهم أضيافا قام بحقّ الضيافة، فقدّم خير ما عنده ما شكره الحقّ عليه حيث قال فى موضع آخر: جاء بعجل سمين «١» . والمحبة توجب استكثار القليل من الحبيب واستقلال ما منك للحبيب، وفى هذا إشارة إلى أنه إذا نزل الضيف فالواجب المبادرة إلى تقديم السّفرة «٢» ممّا حضر فى الوقت.

قوله: فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ تمام إحسان الضيف أن تتناول يده ما يقدّم إليه من الطعام، والامتناع عن أكل ما يقدّم إليه معدود فى جملة الجفاء فى مذهب أهل الظّرف «٣» . والأكل فى الدعوة واجب على أحد الوجهين.

«وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً» : أي خاف أنه وقع له خلل فى حاله حيث امتنع الضّيفان عن أكل طعامه فأوجس الخيفة لهم لا منهم.

وقيل إن الملائكة فى ذلك الوقت ما كانوا ينزلون جهرا إلا لعقوبة فلمّا امتنعوا عن الأكل، وعلم أنهم ملائكة خلف أن يكونوا قد أرسلوا لعقوبة قومه.

قوله جل ذكره:

[سورة هود (١١) : الآيات ٧١ الى ٧٣]

وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣)


(١) آية ٢٦ سورة الذاريات.
(٢) السفرة- طعام يصنع للمسافر، أو المائدة وما عليها من طعام (الوسيط) .
(٣) الظرف: (يقال ظرف فلان ظرفا كان كيسا حاذقا، والظرف فى اللسان البلاغة، وفى الوجه الحسن، وفى القلب الذكاء) الوسيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>