للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإشارة إلى أهل الظاهر الذين لم تساعدهم أنوار البصيرة فهم مربوطون بأحكام الظاهر لا لهم بهذا الحديث إيمان، ولا بهذه الجملة استبصار، فالواجب صون الأسرار عنهم فإنهم لا يقابلون هذا الحديث إلا بالإنكار «١» ، وإن أهل الوداعة «٢» من العوام الذين فى قلوبهم تعظيم لهذه الطريقة، ولهم إيمان على الجملة بهذا الحديث لأقرب إلى هذه الطريقة من كثير ممن عدّ نفسه من الخواص وهو بمعزل عن الإيمان بهذا الأمر.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٠٥]]

وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥)

الإشارة لمن سعيه مقصور على استجلاب حظوظه، فهو لا يبالى بما ينحلّ من عرى الدين، ويهى من أسباب الإسلام، بعد ما تشتد حبال دنياهم، وتنتظم أسباب مناهم، من حرام جمعوه، وحطام حصّلوه. فإذا خلوا لوساوسهم وقصودهم الردية سعوا بالفساد بأحكام أسباب الدنيا، واستعمالهم من يستعينون بهم فى تمشية أمورهم من القوم الذين نزع الله البصيرة من قلوبهم.

«والله لا يحب الفساد» : ما كان فيه خراب الأمور الدينية ونظام الأحوال الدنيوية فهو الفساد الظاهر.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٠٦]]

وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٢٠٦)

هؤلاء أقوام استولى عليهم التكبّر، وزال عنهم خضوع الإنصاف فشمخت آنافهم عن قبول الحق فإذا أمرته بمعروف قال: ألمثلي يقال هذا؟!


(١) هنا نلاحظ أن القشيري يرى عدم البوح باسرار الطريقة وأن الكتمان خير- وهذا موقف هام فى مسألة على جانب عظيم من الخطورة.
(٢) وردت (الاوداعة) ونرجح أنها الوداعة لأنها أقرب إلى السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>