ويقال إذا كان العلم بالرؤيا يوجب الدنيا فالعلم بالمولى أولى أن يوجب العقبى، قال تعالى:
«وإذا رأيت ثمّ رأيت نعيما وملكا كبيرا» «١» قوله جل ذكره:
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٤٧ الى ٤٩]
قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (٤٧) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (٤٩)
لم يقدّم الدعاء إلى الله تعالى على تعبير هذه الرؤيا كما فعل فى المرة الأولى، لأن هذا السائل هو الذي دعاه فى المرة الأولى. فإمّا أنه قد قبل فى المرة الثانية، وإمّا أنه لم يقبل فيئس منه فأهمله.
وصاحب الرؤيا الثانية كان الملك وكان غائبا، والوعظ والدعاء لا يكونا إلا فى المشاهدة دون المغايبة.
ويقال يحتمل أن يكون قد تفرّس فى الفتيان قبول التوحيد فإنّ الشباب ألين قلبا، أمّا فى هذا الموضع فقد كان الملك أصلب قلبا وأفظّ جانبا فلذلك لم يدعه إلى التوحيد لما تفرّس فيه من الغلظة.
قوله جل ذكره:
[[سورة يوسف (١٢) : آية ٥٠]]
وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠)
أراد عليه السلام ألا يلاحظه الملك بعين الخيانة فيسقطه عيبه من قلبه فلا يؤثّر فيه قوله، فلذلك توقّف حتى يظهر أمره للملك وتنكشف براءة ساحته.
قوله جل ذكره:
[[سورة يوسف (١٢) : آية ٥١]]
قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١)
(١) آية ٢٠ سورة الإنسان. [.....]