للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هم الذين سلّم عليهم في آزاله وهم في كتم العدم، وفي متناول علمه ومتعلق قدرته، ولم يكونوا أعيانا في العدم ولا أفادوا «١» ، فلمّا أظهرهم في الوجود سلّم عليهم بذلك السلام، ويسمعهم في الآخرة ذلك السلام. والذين سلّم عليهم هم الذين سلموا اليوم من الشكوك والشّبه، ومن فنون البدع، ومن وجوه الألم، ثم من فنون الزّلل وصنوف الخلل، ثم من الغيبة والحجبة وما ينافى دوام القربة.

ويقال اصطفاهم، ثم هداهم، ثم آواهم، وسلّم عليهم قبل أن خلقهم وأبداهم، وبعد أن سلّم عليهم بودّه لقّاهم.

ويقال: اصطفاهم بنور اليقين وحلّة الوصل وكمال العيش.

قوله جل ذكره:

[[سورة النمل (٢٧) : آية ٦٠]]

أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠)

فثمرات الظاهر غذاء النفوس، وثمرات الباطن والأسرار ضياء القلوب، وكما لا تبقى في وقت الربيع من وحشة الشتاء بقية فلا يبقى في قلوبهم وأوقاتهم من الغيبة والحجبة والنفرة والتهمة شظيّة.

قوله جل ذكره:

[[سورة النمل (٢٧) : آية ٦١]]

أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٦١)

نفوس العابدين قرار طاعتهم، وقلوب العارفين قرار معرفتهم، وأرواح الواجدين قرار


(١) ربما يقصد القشيري أنهم- وقد كانوا في كتم العدم- لم تصدر عنهم طاعة تفيدهم في استحقاق إثابة لهم واستيجاب تسليم عليهم.. والمقصود- إن صحّ هذا الرأى- أن عمل الإنسان لا قيمة له بجانب الفضل الإلهى والقسمة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>