للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخصوصية رتبتهم «١» ، وتمييزا لهم من بين أشكالهم بعلوّ الحالة والمنزلة، فمنهم من خرج من دنياه على صدقه «٢» ، ومنهم من ينتظر حكم الله في الحياة والممات، ولم يزيغوا عن عهدهم، ولم يراوغوا في مراعاة حدّهم فحقيقة الصدق حفظ العهد وترك مجاوزة الحدّ.

ويقال: الصدق استواء الجهر والسّرّ.

ويقال: هو الثبات عند ما يكون الأمر جدّا.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٢٤]]

لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٤)

فى الدنيا يجزى الصادقين بالتمكين والنصرة على العدو وإعلاء الراية، وفي الآخرة بجميل الثواب وجزيل المآب والخلود في النعيم المقيم والتقديم على الأمثال بالتكريم والتعظيم..

«وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ» على الوجه الذي سبق به العلم، وتعلّقت به المشيئة.

ويقال: إذا لم يجزم بعقوبة المنافق وعلّق القول فيه بالرجاء فبالحريّ ألا يخيّب المؤمن فى رجائه.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٢٥]]

وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥)

لم يشمت بالمسلمين عدوّا، ولم يوصّل إليهم من كيدهم سوءا، ووضع كيدهم في نحورهم، واجتثّهم من أصولهم، وبيّن بذلك جواهر صدقهم وغير صدقهم، وشكر من استوجب شكره من جملتهم، وفضح من استحقّ الذمّ من المدلسين منهم.


(١) «من المؤمنين رجال..» : عن أنس أنها نزلت في عمه أنس بن النضير الذي أبلى يوم أحد بلاء عظيما، حتى قتل وبه ثمانون جراحة بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح ورمية بالسهم.. رواه البخاري عن بندار، ومسلم عن محمد بن حاتم.
(٢) «فمنهم من قضى نحبه» نزلت في طلحة بن عبيد الذي ثبت بجانب الرسول يوم أحد حتى دعا له الرسول (ص) :
اللهم أوجب لطلحة الجنة. (الواحدي ص ٢٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>