من الجنّ والإنس، وليس به من الإضلال شىء، ولو أمكنه أن يضرّ غيره لأمكنه أن يمسك على الهداية نفسه، قال تعالى: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ «١» » .
«وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ» : يهدى من يشاء ويضل من يشاء. ثم أخبر- سبحانه وتعالى- أنه بملكه متفرّد، وفي الألوهية متوحّد، وعن الأضداد والأنداد متعزّز، وأنهم لا يملكون مثقال ذرّة، ولا مقياس حبّة، وليس منهم نصير، ولا شريك ولا ظهير، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأن الملائكة في السماء بوصف الهيبة فزعون، وفي الموقف الذي أثبتهم الحقّ واقفون، لا يفترون عن عبادته ولا يعضون.
ولا تسألون عما أجرمنا ولا نحن نسأل عن إجرامكم.. ويوم الجمع يحاسب الله كلّا على أعماله، ويطالب كلا بشأنه، لا يؤاخذ أحدا بعمل غيره، وكلّ يعطى كتابه، ويطلب الله من كلّ واحد حسابه.
وقد أجرى الله سنّته بأن يجمع بين عباده، ثم يعاملهم في حال اجتماعهم بغير ما يعاملهم فى حال افتراقهم. فللاجتماع أثر كبير في الشريعة، وللصلاة بالجماعة أثر مخصوص. وقد عاتب الله- سبحانه- الذين يتفرقون عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومدح من لا يتفرّق إلا عن استئذان.