المقام فى أماكن العصيان، والتعزيج فى أوطان أهل الجحود والطغيان- من علامات الممالأة مع أربابها، وسكّانها وقطّانها.
والتباعد عن مساكنهم، وهجران من جنح إلى مسالكهم علم لمن أشرب قلبه مخالفتهم، وباشرت سرّه عداوتهم.
«فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا» : يتطهرون عن المعاصي وهذه سمة العابدين، ويتطهرون عن الشهوات والأمانى وتلك صفة الزاهدين، ويتطهرون عن محبة المخلوقين، ثم عن شهود أنفسهم بما يتصفون وتلك صفة العارفين.
قوله «وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» : أسرارهم «١» عن المساكنة إلى كل مخلوق، أو ملاحظة كل محدث مسبوق.
المريد يجب أن يؤسّس بنيانه على يقين صادق فيما يعتقده، ثم على خلوص فى العزيمة ألا ينصرف قبل الوصول عن الطريق الذي يسلكه، ثم على انسلاخه عن جميع مناه وشهواته، وماربه ومطالبه، ثم يبنى أمره على دوام ذكره بحيث لا يعترضه نسيان، ثم على ملازمة حق المسلمين وتقديم مصالحهم ... بالإيثار على نفسه. والذي ضيّع الأصول
(١) أسرارهم مفعول به لاسم الفاعل «الْمُطَّهِّرِينَ» .