للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال لمّا لاحظوا القرآن بعين الاستصغار حرموا بركات الفهم فعدوه من جملة أساطير الأولين، وكذلك من لا يراعى حرمة الأولياء، يعاقب بأن تستر عليه أحوالهم، فيظنهم مثله فى استحقاق مثالبه، فيطلق فيهم لسان الوقيعة، وهو بذلك أحقّ، كما قيل:

«رمتني بدائها وانسلّت» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٣٢]]

وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٢)

دلّ سؤالهم العذاب على تصميم عقدهم على تكذيب الرسول صلّى الله عليه وسلّم، واستيقنوا عند أنفسهم بأنه لا يستجاب فيهم ما يدعونه على أنفسهم.

وفى هذا أظهر دليل على أن سكون النّفس إلى الشيء ليس بعلم لأنه كما يوجد مع العلم يوجد مع الجهل.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٣٣]]

وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)

ما كان الله معذبهم وأنت فيهم، وما كان الله ليعذّب أسلافهم وأنت فى أصلابهم، وليس يعذبهم اليوم وأنت فيما بينهم إجلالا لقدرك، وإكراما لمحلّك، وإذا خرجت من بينهم فلا يعذبهم وفيهم خدمك الذين يستغفرون، فالآية تدل على تشريف قدر الرسول- صلّى الله عليه وسلّم.

ويقال للجوار حرمة، فجار الكرام فى ظل إنعامهم فالكفار إن لم ينعموا «١» بقرب الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- منهم فقد اندفع العذاب- بمجاورته- عنهم:

وأحبها وأحبّ منزلها الذي ... نزلت به وأحبّ أهل المنزل


(١) وردت (يمنعوا) والملائم للمعنى (ينعموا) لترتبط بالإنعام الذي جاء ذكره فى الجملة السابقة، ويؤكد اختيارنا أيضا وجود (الباء) فى (بقرب الرسول) إذ يقال (نعم بكذا) ولا يقال (منع بكذا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>