وقيل: من ضاق قلبه اتسع لسانه. ولما ظهر لموسى- عليه السلام- ما ظهر أخذ هارون يقابله بالرفق واللطف وحسن المداراة.. وكذلك الواجب فى الصحبة لئلا يرتقى الأمر إلى الوحشة، فاستلطفه فى الخطاب واستعطفه بقوله:
أنت أمرتنى ألّا أفارقهم. وقد يقال إن هارون لو قال لموسى: فى الوقت الذي احتجت أن تمضى إلى فرعون قلت: «وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً» ، وقلت:«فَأَرْسِلْهُ مَعِي» ، وقلت حين مضيت إلى سماع كلام الحق:«اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي» .. فما اكتفيت بأن لم تستصحبنى.. وخلّفتنى! وقد علمت أنى برىء الساحة مما فعلوا فأخذت بلحيتي وبرأسى.. ألم ترض بما أنا فيه حتى تزيدنى حريا على حرى «١» ؟! ... لو قال ذلك لكان موضعه، ولكن لحلمه، ولعلمه- بأنّ ذلك كلّه حكم ربّهم- فقد قابل كلّ شىء بالرضا.
قوله جل ذكره:
[[سورة طه (٢٠) : آية ٩٥]]
قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥)
سأل موسى كلّ واحد منهم بنوع آخر، وإن معاتبته مع قومه، ومطالبته لأخيه، وتغيّره فى نفسه، واستيلاء الغضب عليه- لم يغيّر التقدير، ولم يؤخّر المحكوم.