للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسعيهم وطاعتهم، ولكن برحمته- سبحانه- وصلوا إلى نعمته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد ينجّيه عمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدنى الله برحمته» «١» .

قوله: «لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ» : قوم نعيمهم عطاء ربّهم على وصف التمام، وقوم نعيمهم لقاء ربهم على نعت الدوام فالعابدون لهم تمام عطائه، والعارفون لهم دوام لقائه.

ثم قال: «خالِدِينَ فِيها أَبَداً» والكناية فى قوله «فِيها» كما ترجع إلى الجنة تصلح أن ترجع إلى الحالة، سيما وقد ذكر الأجر بعدها فكما لا يقطع عطاءه عنهم فى الجنة لا يمنع عنهم لقاءه متى شاءوا فى الجنة، قال تعالى: «لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ» «٢» أي لا مقطوعة عنهم نعمته، ولا ممنوعة منهم رؤيته.

قوله جل ذكره:

[[سورة التوبة (٩) : آية ٢٣]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣)

من لم يصلح بطاعته لربه لا تستخلصه لصحبة نفسك.

ويقال من آثر على الله شيئا يبارك له فيه فيبقى بذلك عن الله، ثم لا يبقى ذلك معه، فإن استبقاه بجهده- كيف يستبقى حياته إذا أذن الله فى ذهاب أجله؟ وفى معناه أنشدوا:

من لم تزل نعمته قبله ... زال مع النعمة بالموت

قوله جل ذكره:

[[سورة التوبة (٩) : آية ٢٤]]

قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٢٤)


(١) الشيخان عن عائشة مرفوعا: سددوا وقاربوا وأبشروا واعلموا أنه لن يدخل أحدكم الجنة عمله، قالوا ... إلخ
(٢) آية ٣٣ سورة الواقعة

<<  <  ج: ص:  >  >>