ثم كرّر ذكر الليل والنهار واختلافهما: - «أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» أي ليكون الليل وقت سكونهم، والنهار وقت طلب معاشهم.
أخبر أن اليوم الذي ينفخ فيه في الصور هو يوم إزهاق الأرواح، وإخراجها عن الأجساد فمن روح ترقى إلى علّيين، ومن روح تذهب إلى سجّين. أولئك في حواصل طير تسرح فى الجنة تأوى بالليل إلى قناديل معلقة من تحت العرش صفتها التسبيح والرّوح والراحة، ولبعضها الشهود والرؤية ... على مقادير استحقاقهم لما كانوا عليه في دنياهم.
وأمّا أرواح الكفار ففى النار تعذّب على مقادير أجرامهم.
وكثير من الناس اليوم من أصحاب التمكين، هم ساكنون بنفوسهم «١» سائحون في الملكوت بأسرارهم.. قيل: إن الإشارة اليوم إليهم. كما قالوا: العارف كائن بائن كائن مع الناس بظاهره، بائن عن جميع الخلق بسرائره.
(١) عرف الجنيد بسكونه وقلة اضطرابه عند السماع، فلما سئل في ذلك تلا: «وترى الجبال تحسبها جامده وهى....» (اللمع للسراج ص ١٢٨) .