للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ذلّ فيه، وتكون غالبا لا يغلبك أحد.

ويقال: ينصرك على هواك ونفسك، وينصرك بحسن خلقك ومقاساة الأذى من قومك.

ويقال نصرا عزيزا: معزا لك ولمن آمن بك.

وهكذا اشتملت هذه الآية على وجوه من الأفضال أكرم بها نبيّه- صلى الله عليه وسلم- وخصّه بها من الفتح والظّفر على النّفس والعدو، وتيسير ما انغلق على غيره، والمغفرة، وإتمام النعمة والهداية والنصرة.. ولكلّ من هذه الأشياء خصائص عظيمة.

قوله جل ذكره:

[[سورة الفتح (٤٨) : آية ٤]]

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (٤)

.. السكينة ما يسكن إليه القلب من البصائر والحجج، فيرتقى القلب بوجودها عن حدّ الفكرة إلى روح اليقين وثلج الفؤاد، فتصير العلوم ضرورية «١» .. وهذا للخواصّ.

فأمّا عوامّ المسلمين فالمراد منها: السكون والطمأنينة واليقين.

ويقال: من أوصاف القلب في اليقين المعارف والبصائر والسكينة.

وفي التفاسير: السكينة ريح هفّافة. وقالوا: لها وجه كوجه الإنسان. وقيل لها جناحان.

«لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ» أي يقينا مع يقينهم وسكونا مع سكونهم. تطلع أقمار عين اليقين على نجوم علم اليقين.

ثم تطلع شمس حقّ اليقين على بدر عين اليقين.

«وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً» .

«جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» : قيل: هى جميع القلوب الدالّة على وحدانية الله.

ويقال: ملك السماوات والأرض وما به من قوّى تقهر أعداء الله.


(١) أي لا نعوذ كسبيه حيث لم يعد للإنسان من نفسه لنفسه شىء.

<<  <  ج: ص:  >  >>