للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله جل ذكره:

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٩٤ الى ٩٥]

قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٤) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥)

من علامات الاشتياق تمنى الموت على بساط العوافي فمن وثق بأن له الجنة قطعا- فلا محالة- يشتاق إليها، ولمّا لم يتمنوا الموت «١» - وأخبر الله سبحانه أنهم لن يتمنوه أبدا- صار هذا التعريف معجزة للرسول صلوات الله عليه وعلى آله إذ كان كما قال.

وفى هذا بشارة «٢» للمؤمنين الذين يشتاقون إلى الموت أنهم مغفور لهم، ولا يرزقهم الاشتياق إلا وتحقق لهم الوصول إلى الجنة، وقديما قيل: كفى للمقصر الحياء يوم اللقاء.

قال الله تعالى: «وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ» .

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٩٦]]

وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٩٦)

«٣» حبّ الحياة فى الدنيا نتيجة الغفلة عن الله، وأشد منه غفلة أحبّهم للبقاء فى الدنيا. وحال المؤمن من هذا على الضدّ. وأما أهل الغفلة وأصحاب التهتك فإنما حرصهم على الحياة لعلمهم بما فقدوا فيها من طاعتهم فالعبد الآبق لا يريد رجوعا إلى سيّده. والانقلاب إلى من هو خيره مرجو خير للمؤمنين من البقاء مع من شرّه غير مأمون، ثم إن امتداد العمر مع يقين


(١) فى النسخة (الجنة) ولكن الآية الكريمة والسياق يشيران إلى تمنى الموت ثم إن الضمير فيما بعد في (لن يتمنوه أبدا) ضمير مذكر وليس ضمير مؤنث.
(٢) وردت (وفى هذا إشارة) والمعنى يتطلب (بشارة) مما يرجح هذه على تلك.
(٣) أسقط الناسخ من الآية من أول (وما هو) إلى (أن يعمر) فأثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>