«وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ» أمّا أنتم فأتوب عليكم، أمّا من تقدّم فلقد دمّرت عليهم.
ويقال «يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ» : أي يكاشفكم بأسراره فيظهر لكم ما خفى على غيركم.
ويقال يريد الله ليبيّن لكم انفراده- سبحانه- بالإيجاد والإبداع، وأنه ليس لأحد شىء.
«وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ» طريقة الأنبياء والأولياء وهو التفويض والرضاء، والاستسلام للحكم والقضاء.
وقيل «وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ» أي يتقبّل توبتكم بعد ما خلق توبتكم، ثم يثيبكم على ما خلق لكم من توبتكم «١» .
قوله جل ذكره:
[سورة النساء (٤) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (٢٨)
عزل بهذا الحديث حديث الأولين والآخرين.
ومن أراد الله توبته فلا يشمت به عدوّا، ولا يناله فى الدارين سوء.
«وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ ... » : إرادتهم منكوسة، وهى عند إرادة الحق- سبحانه- ضائعة مردودة.
ويُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ: يعنى ثقل الأوزار بمواترة الأوراد إلى قلوبكم، ويقال يريد الله أن يخفف عنكم مقاساة المجاهدات بما يلج لقلوبكم من أنوار المشاهدات.
ويقال يريد الله أن يخفف عنكم أتعاب الخدمة بحلاوة الطاعات.
ويقال يخفف عنكم كلف الأمانة بحملها عنكم.
(١) واضح من هذا الكلام أن الفضل كله لله هو الذي يخلق توبة العبد وهو الذي يثيبه على توبته، وقد ربطنا بين هذا وبين ما ذكره القشيري عند (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) التي جاء ذكرها فيما سبق (من هذا الكتاب ص ٢١٦)