ويقال (وَاشْكُرُوا لِي) على عظيم المنّة عليكم بأن قلت: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) .
ويقال الشكر من قبيل الذكر، وقوله (وَلا تَكْفُرُونِ) النهى عن الكفران أمر بالشكر، الشكر ذكر، فكرر عليك الأمر بالذكر، والثلاث أول حدّ الكثرة، والأمر بالذكر الكثير أمر بالمحبة لأنّ فى الخبر: «من أحب شيئا أكثر ذكره» فهذا- فى الحقيقة- أمر بالمحبة أي أحببني أحبك «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ» أي أحبونى أحببكم.
ويقال: (فَاذْكُرُونِي) بالتذلل (أَذْكُرْكُمْ) بالتفضّل.
(فَاذْكُرُونِي) بالانكسار (أَذْكُرْكُمْ) بالمبار.
(فَاذْكُرُونِي) باللسان (أَذْكُرْكُمْ) بالجنان.
(فَاذْكُرُونِي) بقلوبكم (أَذْكُرْكُمْ) بتحقيق مطلوبكم.
(فَاذْكُرُونِي) على الباب من حيث الخدمة (أَذْكُرْكُمْ) بالإيجاب على بساط القربة بإكمال النعمة.
(فَاذْكُرُونِي) بتصفية السّر (أَذْكُرْكُمْ) بتوفية البرّ.
(فَاذْكُرُونِي) بالجهد والعناء (أَذْكُرْكُمْ) بالجود والعطاء.
(فَاذْكُرُونِي) بوصف السلامة (أَذْكُرْكُمْ) يوم القيامة يوم لا تنفع الندامة.
(فَاذْكُرُونِي) بالرهبة (أَذْكُرْكُمْ) بتحقيق الرغبة.
قوله جل ذكره:
[[سورة البقرة (٢) : آية ١٥٣]]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)
استعينوا بالصبر على الصلاة أي بصبركم- عند جريان أحكام الحق عليكم- استحقاقكم صلاة ربكم عليكم، ولذا فإنه تعالى بعد «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» يقول: «أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ» .
ويقال استوجب الصابرون نهاية الذخر، وعلو القدر حيث نالوا معيّة الله قال تعالى:
«إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» .