للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسرّه، والشرع يستدعى منه نهوض قلبه فى طاعته، والحقّ يقف سرّه عند شهود ما منه لمحبوبه تحت جريان قسمته «١» .

قوله جل ذكره: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً إن طرأت عليك طوارق النسيان- لا بتعهدك- فجرّد بذكرك قصدك عن أوطان غفلتك.

ويقال «وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ» : فى الحقيقة نفسك تمنعك من استغراقك فى شهود ذكرك.

ويقال واذكر ربك إذا نسيت ذكرك لربّك: فإن العبد إذا كان ملاحظا لذكره كان ذلك آفة فى ذكره «٢» .

ويقال واذكر ربك إذا نسيت حظّك منه.

ويقال واذكر ربّك إذا نسيت غير ربّك.

قوله جل ذكره:

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٢٥]]

وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥)

كانوا مأخوذين عنهم فى إحساسهم بأنفسهم فلم يقفوا على تطاول مدتهم، وفى المثل:

«أيام السرور قصار» ، والدهور فى السرور شهور، والشهور فى المحن دهور، وفى معناه:

أعدّ الليالى ليلة بعد ليلة ... وقد كنت قبلا لا أعد اللياليا

قوله جل ذكره:

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٢٦]]

قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦)


(١) معنى هذه الفقرة انه قد يبدو فى الظاهر ان للعبد إرادة فى الامتثال للطاعة وفي إجراء أحكام الشريعة، ولكن فى الحقيقة أن الحق سبحانه يتولى تبرئته من حوله وإرادته، وتهيئة سره للتجرد عن كل غير وسوى.
(٢) لأن أعلى درجات الذكر أن يفنى الذاكر فى المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>