الشقىّ من قسم له الحرمان فى حاله، والسعيد من رزق الإيمان فى مآله.
ويقال الشقاء على قسمين: قوم شقاؤهم غير مؤيد، وقوم شقاؤهم على التأبيد، وكذلك القول فى السعادة. الشقىّ من هو فى أسر التدبير ونسيان جريان التقدير، والسعيد من رجع من ظلمات التدبير، وحصل على وصف شهود التقدير.
ويقال الشقىّ من كان فى رق العبودية ظانّا أنّ منه طاعاته، والسعيد من تحرر عن رقّ البشرية وعلم أن الحادثات كلها لله سبحانه.
وأمّا الأشقياء- على التأبيد- فهم أهل الخلود فى مقتضى الوعيد، والسعداء- على التأبيد- من قال الله تعالى فى صفتهم: «لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ» .
قوله جل ذكره:
[سورة هود (١١) : الآيات ١٠٦ الى ١٠٧]
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٠٧)
«إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ» أن يزيد على مدّة السماوات والأرض.
«إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ» أن ينقلهم إلى نوع آخر من العذاب غير الزفير والشهيق.
«إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ» ألا تلحقهم تلك العقوبة قبل أن يدخلهم النار فلا استثناء لبعض أوقاتهم من العقوبة لا قبل إدخالهم فيها ولا بعده.
«إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ» من إخراج أهل التوحيد من النار فيكون شقاؤهم غير مؤبّد.
قوله جل ذكره: إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ فيه إشارة إلى أن الذي يحصل لهم يحصل بمشيئته لا باستحقاق عمل.
قوله جل ذكره:
[[سورة هود (١١) : آية ١٠٨]]
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)
لهم اليوم جنّات القربة، ولهم غدا جنّات المثوبة.
والكفار اليوم فى عقوبة الفرقة، وغدا فى عقوبة الحرقة.