للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك يحتمل فى حال الأحباب عند المفارقة، وأوقات الوداع أن بقال إذا خرجت من عندى فلا تنس عهدى، وإن تقاصر عنك يوما خبرى فإياك أن تؤثر علىّ غيرى، ومن المحتمل أيضا أن يقال إن فاتنى وصولك فلا يتأخّرنّ عنى رسولك.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٣٨]]

قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)

سوء الأدب على البساط يوجب الرد إلى الباب، فلما أساء آدم عليه السّلام الأدب فى عين القربة قال الله تعالى: «اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ، بعد أن كان لكم فى محل القربة قرار وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ، يستمتعون يسيرا ولكن (فى) آخرهم يعودون إلى الفقر، وأنشدوا:

إذا افتقروا عادوا إلى الفقر حسبة «١» ... وإن أيسروا عادوا سراعا إلى الفقر

وحين أخرجه من الجنة وأنزله إلى الأرض بشّره بأنه يردّه إلى حاله لو جنح بقلبه إلى الرجوع فقال: «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» .

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٣٩]]

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٩)

والذين قابلوا النعمة بغير الشكر، وغفلوا عن التصديق والتحقيق فلهم عذاب أليم مؤجلّ، وفراق معجّل.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٤٠]]

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠)

حقيقة النعمة على لسان العلماء «٢» لذة خالصة عن الشوائب، وما يوجب مثلها فهى أيضا عندهم نعمة، وعند أهل الحقيقة النعمة ما أشهدك المنعم أو ما ذكّرك بالمنعم أو ما أوصلك إلى إلى المنعم أو ما لم يحجبك عن المنعم.


(١) حسبة أي احتسابا- هكذا فى الهامش.
(٢) واضح أن مقصود القشيري من (لسان العلماء) و (لسان التفسير) هو التفسير العادي، أما (عند أهل الحقيقة) و (الإشارة منه) ونحو ذلك فهو التفسير الصوفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>