للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله جل ذكره:

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٤٤]]

قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)

هذا الخطاب لتدارك قلب موسى- عليه السّلام- بكل هذا الرّفق، كأنه قال:

يا موسى، إنى منعتك عن شىء واحد وهو الرؤية، ولكنى خصصتك بكثير من الفضائل اصطفيتك بالرسالة، وأكرمتك بشرف الحالة، فاشكر هذه الجملة، واعرف هذه النعمة، وكن من الشاكرين، ولا تتعرض لمقام الشكوى، وفى معناه أنشدوا:

إن أعرضوا فهم الذين تعطّفوا ... وإن جنوا فاصبر لهم إن أخلفوا

وفى قوله سبحانه: «وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ» إشارة لطيفة كأنه قال: لا تكن من الشاكين، أي إن منعتك عن سؤلك، ولم أعطك مطلوبك فلا تشكى إذا انصرفت.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٤٥]]

وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ (١٤٥)

وفى الأثر: أن موسى عليه السّلام كان يسمع صرير القلم، وفى هذا نوع لطف لأنه إن منع منه النظر أو منعه من النظر فقد علله بالأثر «١» .

قوله جل ذكره: فَخُذْها بِقُوَّةٍ.

فيه إشارة إلى أن الأخذ يشير إلى غاية القرب، والمراد هاهنا صفاء الحال، لأن قرب المكان لا يصحّ على الله سبحانه.

قوله جل ذكره: وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها.

فرق بين ما أمر به موسى من الأخذ وبين ما أمره أن يأمر به قومه من الأخذ، أخذ موسى عليه السّلام من الحق على وجه من تحقيق الزلفة وتأكيد الوصلة، وأخذهم أخذ قبول من حيث التزام الطاعة، وشتان ما هما!.


(١) نلاحظ أن القشيري كان ممتعا أشد ما يكون الإمتاع حين استغل موقف شهود موسى استغلالا جميلا أوشك أن يحيط بكل جوانب هذه اللحظات الحاسمة فى الحياة الروحية، فاجتمعت إشاراته لتكون درسا في غاية الدقة والإفادة. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>