قوله جل ذكره: إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ «إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ» بالشقاوة. وفيه تعريف بأن حكم الأزل لا يردّ، والحقّ- سبحانه- لا ينازع، والجبّار لا يخاصم، وأن من أقصاه ربّه لم يدنه تنبيه ولا برّ ولا وعظ.
«وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ» ولكن بارك الحقّ- سبحانه- فى الذين نجّاهم من نسله، ولم يدخل خلل فى الكون بعد هلاك من أهلك من قومه.
وكان فى معزل بظاهره، وكان فى سرّ تقديره أيضا بمعزل عما سبق لنوح وقومه من سابق فضله. فحينما نطق بلسان الشفقة وقال:«يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ» - لم يقل له: ولا تكن من الكافرين لأن حالته كانت ملتبسة على نوح إذ كان ابنه ينافقه- فقيل له: يا نوح إنه مع الكافرين لأنه فى سابق حكمنا من الكافرين.