ويحتمل أن يكون علمهما بأحوال أمتهما على وجه الإشراف على ما كانوا يستسرون به، فيكون إخبارهما عن ذلك معجزة لهما.
ويحتمل أن يكون قوله:«عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ» .
ويحتمل أن يكون علمهما بالله على وجه زيادة لهما في البيان.
وفي الآية دليل على أن التفضيل الذي يحصل بالعلم لا يحصل بغيره من الصفات، فأخبر بأنهما شكرا الله على عظيم ما أنعم به عليهما «١» .
قوله جل ذكره:
[[سورة النمل (٢٧) : آية ١٦]]
وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦)
ورث أباه في النبوة، وورثه في أن أقامه مقامه.
قوله:«عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ» : وكان ذلك معجزة له، أظهرها لقومه ليعلموا بها صدق إخباره عن نبوته. ومن كان صاحب بصيرة وحضور قلب بالله يشهد الأشياء كلّها بالله ومن الله. ويكون مكاشفا بها من حيث التفهيم، فكأنه يسمع من كل شيء تعريفات الحقّ- سبحانه- للعبد مما لا نهاية له، وذلك موجود فيهم محكيّ عنهم. وكما أنّ ضرب الطّبل مثلا دليل يعرف- بالمواضعة- عند سماعه وقت الرحيل والنزول فالحقّ- سبحانه- يخصّ أهل الحضور بفنون التعريفات، من سماع الأصوات وشهود أحوال المرئيات في اختلافها، كما قيل:
(١) قال صلى الله عليه وسلم: «العلماء ورثة الأنبياء» والعلم نعمة تحتاج إلى الشكر، ويلزم أن يعتقد العالم أنه إن فضّل على كثير فقد فضل عليه كثير أيضا، وما أحسن قول عمر رضى الله عنه: كل الناس أفقه من عمر.