للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال لا تتمنّ مقامات الرجال فإنّ لكل مقام أهلا عند الله، وهم معدودون فما لم يمت واحد منهم لا يورث مكانه غيره، قال تعالى: «جَعَلَكُمْ خَلائِفَ» والخليفة من يخلف من تقدّمه، فإذا تمنّيت مقام ولىّ من الأولياء فكأنّك استعجلت وفاته على الجملة تمنيت أو على التفصيل، وذلك غير مسلّم.

ويقال خمودك تحت جريان حكمه- على ما سبق به اختياره- أحظى لك من تعرضك لوجود مناك، إذ قد يكون حتفك فى منيتك.

ويقال من لم يؤدّب ظاهره بفنون المعاملات، ولم يهذّب باطنه بوجوه «١» المنازلات فلا ينبغى أن يتصدّى لنيل المواصلات، وهيهات هيهات متى يكون ذلك! «وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ» : الفرق «٢» بين التمني وبين السؤال من فضله من وجوه:

يكون التمني للشىء مع غفلتك عن ربك فتتمنى بقلبك وجود ذلك الشيء من غير توقعه من الله، فإذا سألت الله فلا محالة تذكره، والآخر أن السائل لا يرى استحقاق نفسه فيحمله صدق الإرادة على التملّق والتضرع، والمتمنى يخلو عن هذه الجملة.

والآخر أن الله نهى عن تمنى ما فضل الله به غيرك إذ معناه أن يسلب صاحبك ما أعطاه ويعطيك إياه، وأباح السؤال من فضله بأن يعطيك مثل ما أعطى صاحبك.

ويقال لا تتمنّ العطاء وسل الله أن يعطيك من فضله الرضا بفقد العطاء وذلك أتمّ من العطاء، فإنّ التّحرّر من رقّ الأشياء أتمّ من تملّكها.

قوله جل ذكره:

[[سورة النساء (٤) : آية ٣٣]]

وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٣٣)

جعل المعاقدة فى ابتداء الإسلام نظيرة النّسب فى ثبوت الميراث بها فنسخ حكم الميراث


(١) وردت (بوجوده) والصواب أن الدال زائدة ليتلاءم المعنى مع (فنون) كذلك فإن (بوجوده المنازلات) غير مستقيمة.
(٢) لاحظ كيف تثرى بحوث القشيري التي من هذا القبيل علوم اللغة والبلاغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>