ويقال إذا حاسبهم فى القيامة يتصور لهم كأنهم فى الحال ما فارقوا الزّلة، وإن كانت مباشرة الزّلة قد مضت عليها سنون كثيرة.
قوله جل ذكره: وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً يملك الحزن قلبه لأنه يعلم أنه يرى فى عمله سيئة فهو فى موضع الخجل لتقصيره. وإن رأى حسنة فهو فى موضع الخجل أيضا لقلة توقيره فخجلة أهل الصدق عند شهود حسناتهم توفى وتزيد على خجلة أهل الغفلة إذا عثروا على زلّاتهم.
ويقال أصحاب الطاعة إذا وجدوا ما قدّموا من العبادات فمآلهم السرور والبهجة وحياة القلب والراحة، وأمّا أصحاب المخالفات فإنما يجدون فيما قدّموا مجاوزة الحدّ ونقض العهد، وما فى هذا الباب من الزّلة وسوء القصد.
أظهر للملائكة شظيّة مما استخلص به آدم فسجدوا بتيسير من الله- سبحانه، وسكّر بصر اللعين فما شهد منه غير العين «١» فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ، ولا صدق فى قوله:
«أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ» لمّا فسق عن الأمر، ولكن أدركته الشقاوة الأصيلة فلم تنفعه الوسيلة بالحيلة.