سبحانه فطر كلّ أحد على ما علم أنه يكون في السعادة أو الشقاوة، ولا تبديل لحكمه، ولا تحويل لما عليه فطره. فمن علم أنه يكون سعيدا أراد سعادته وأخبر عن سعادته، وخلقه في حكمه سعيدا. ومن علم شقاوته أراد أن يكون شقيا وأخبر عن شقاوته وخلقه فى حكمه شقيا.. ولا تبديل لحكمه، هذا هو الدين المستقيم والحقّ الصحيح «١» قوله جل ذكره:
أي راجعين إلى الله بالكلية من غير أن تبقى بقية، متصفين بوفاقه، منحرفين بكل وجه عن خلافه، متقّين صغير الإثم وكبيره، قليله وكثيره، مؤثرين يسير وفاقه وعسيره، مقيمين الصلاة بأركانها وسننها وآدابها جهرا، متحققين بمراعاة فضائلها سرا.
(١) نحسب أن القشيري قد حاول إيضاح مشكلة هامة من مشاكل علم الكلام، فليست الجبرية عنده بناقضة لحرية الإنسان واختياره، ما دامت الأمور كلها مرتبطة بعلم الله الذي سبق كل شىء، وبفضل الله الذي فطر على ما علم.