قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤)
فى هذا تسلية للعبد فإنه إذا وسّد التراب، وانصرف عنه الأصحاب، واضطرب لوفاته الأحباب. فمن يتفقّده ومن يتعهّده ... وهو في شفير قبره، وليس لهم منه شىء سوى ذكره، ولا أحد منهم يدرى ما الذي يقاسيه المسكين في حفرته؟ فيقول الحقّ- سبحانه:
«قَدْ عَلِمْنا ... » ولعلّه يخبر الملائكة قائلا: عبدى الذي أخرجته من دنياه- ماذا بقي بينه من يهواه؟ هذه أجزاؤه قد تفرّقت، وهذه عظامه بليت، وهذه أعضاؤه قد تفتّتت! «وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ» : وهو اللّوح المحفوظ أثبتنا فيه تفصيل أحوال الخلق من غير نسيان، وبيّنّا فيه كلّ ما يحتاج العبد إلى تذكّره.
أولم يعتبروا؟ أولم يستدلّوا بما رفعنا فوقهم من السماء، رفعنا سمكها فسوّيناها، وأثبتنا فيها الكواكب وبها زيّناها، وأدرنا فيها شمسها وقمرها؟ أولم يروا كيف جلّسنا عينها ونوّعنا أثرها؟