للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال: إنّ العدوّ إذا لم يقدر أن يكيد بيده يتمنّى ما تتقاصر عنه مكنته، وتلك صفة كلّ عاجز، ونعت كلّ لئيم. ثم إن الله- سبحانه- بعكس ذلك عليه حتى لا يرتفع مراده «وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ «١» » .

ويقال: من العقوبات الشديدة التي يعاقب الله بها المبطل أن يتصّور شيئا يتمنّاه ويوطّن نفسه عليه لفرط جهله. ويلقى الحقّ في قلبه ذلك التمني حتى تسول له نفسه أن ذلك كالكائن..

ثم يعذبه الله بامتناعه.

قوله جل ذكره:

[[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٣]]

وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣)

وما هو آت فقريب.. وإنّ الله ليرخى عنان الظّلمة ثم لا يفلتون من عقابه.. وكيف- وفي الحقيقة- ما يحصل منهم هو الذي يجريه «٢» عليهم؟

قوله جل ذكره:

[[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٤]]

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤)

يغفر- وليس له شريك يقول له: لا تفعل، ويعذّب من يشاء- وليس هناك مانع عن فعله يقول له: لا تفعل.

قوله جل ذكره:

[[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٥]]

سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥)

وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين لما رجعوا من الحديبية وعدهم الله خيبر،


(١) آية ٤٣ سورة فاطر. [.....]
(٢) هكذا في ص وهي في م (يحزيه) بالزاي وقد رجحنا (يجريه) أولا لاتصالها بمذهب القشيري وكون الله- على الحقيقة- فاعل كل شىء حتى أكساب العباد. وثانيا لأنها لو كانت بالزاي لقال: يجزيهم عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>