للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين- ويروى له فى هذا الباب الأخبار والآثار أمثال هذا....» فلولا بخله «١» المستكن فى قلبه لأعانه بهمته فيما يسنح لقلبه «٢» بدل أن يمنع عنه ما (يجب ان) يقول فى معرض النصح. ومن كانت هذه صفته أدركه عاجل المقت حيث أطفأ شرر إرادة ذلك المستضعف بما هو عند نفسه أنه نصيحة وشفقة فى الشرع.

وقوله: «وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» : إن كان الله أغناهم عن طلب الفضيلة بما خوّلهم وآتاهم كتموا ذلك طمعا فى الزيادة على غير وجه الإذن.

ويقال يكتمون ما آتاهم الله من فضله إذا سألهم مريد شيئا عندهم فيه نجاته، وضنوا عليه بإرشاده.

ويقال بخل الأغنياء بمنع النعمة، وبخل الفقراء بمنع الهمة.

قوله جل ذكره:

[[سورة النساء (٤) : آية ٣٨]]

وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (٣٨)

أدخل هؤلاء أيضا تحت قوله: «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً» فعقوبتهم فى العاجل أنهم ليسوا من جملة محبّيه، وكفى بذلك محنة.

والمختال الذي ينظر إلى نفسه والمرائى الذي ينظر إلى أبناء جنسه، وكلاهما مسوّمان بالشرك الخفىّ والله لا يحب المشركين. والفخور من الإبل كالمصراة من الغنم وهو الذي سدّت أخلافه ليجتمع فيها الدّرّ «٣» فيتوهم المشترى أن جميع ذلك معتاد لها وليس كذلك، فكذلك الذي يرى من نفسه حالا ورتبة وهو فى ذلك مدع وهو الفخور، والله لا يحبه، وكذلك المرائى الذي ينفق ماله رئاء الناس.


(١) حاول بعضهم أن يصححها فى الهامش فطن أن صوابها (تجعله) والصحيح أنها (بخله) .
(٢) يستعمل القشيري الفعل (يسنح) للدلالة على ما يرد القلب من خواطر قد تصبح هواجس فنشده نحو العلائق والخلائق، وقد تكون إلهاما من قبل الحق سبحانه فتهديه السبيل.
(٣) الدّر- اللبن الغزير. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>