للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الإبداع والمعدوم مقدوره ومملوكه، فإذا أوجده فهو فى حال حدوثه مقدوره ومملوكه، فإذا أعدمه خرج عن الوجود ولم يخرج عن كونه مقدورا له.

«يُحْيِي وَيُمِيتُ» يحيى من يشاء بعرفانه وتوحيده، ويميت من يشاء بكفرانه وجحوده.

ويقال يحيى قلوب العارفين بأنوار المواصلات، ويميت نفوس العابدين بآثار المنازلات.

ويقال يحيى من أقبل عليه بتفضّله، ويميت من أعرض عنه بتكبّره.

قوله جل ذكره:

[[سورة التوبة (٩) : آية ١١٧]]

لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١١٧)

قبل توبتهم، وتاب على نبيّه- صلى الله عليه وسلم- فى إذنه للمنافقين فى التخلف عنه فى غزوة تبوك، وأمّا على المهاجرين والأنصار الذين قد خرجوا معه حين همّوا بالانصراف «١» لما أصابهم من العسرة من الجوع والعطش والإعياء «٢» فى غزوة تبوك، كما قال: «مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ» : وتوبته عليهم أنه تدارك قلوبهم حتى لم تزغ، وكذا سنّة الحقّ- سبحانه- مع أوليائه إذا أشرفوا على العطب، وقاربوا من التّلف، واستمكن اليأس فى قلوبهم من النصر، ووطّنوا أنفسهم على أن يذوقوا البأس- يمطر عليهم سحائب الجود، فيعود عود الحياة بعد يبسه طريّا، ويردّ ورد الأنس عقب ذبوله غضا جنيّا، وتصير أحوالهم كما قال بعضهم:

كنّا كمن ألبس أكفانه ... وقرّب النّعش من اللّحد

فجال ماء الرّوح فى وحشة ... وردّه الوصل إلى الورد


(١) وردت (الإنصاف) وليس لها معنى فصوبناها (الانصراف) فهو المقصود.
(٢) وردت (الأعياد) وهى خطأ فى النسخ إذ التبست الهمزة على الناسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>