للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسوا حق الاختيار فنظروا إلى الحال بعين الظاهر فاستبعدوا أن يكون طالوت ملكا لأنه «١» كان فقيرا لا مال له، فبيّن لهم أن الفضيلة باختيار الحق، وأنه وإن عدم المال فقد زاده الله علما ففضلكم بعلمه وجسمه، وقيل أراد أنه محمود خصال النفس ولم يرد عظيم البنية فإن فى المثل: «فلان اسم بلا جسم» أي ذكر بلا معنى.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٤٨]]

وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٤٨)

إن الله سبحانه إذا أظهر نورا أمدّه بتأييد من قبله، فلما ملك طالوت عليهم أزال الإشكال عن صفته بما أظهر من آياته الدالة على صدق قول نبيّهم فى اختياره، فردّ عليهم التابوت الذي فيه السكينة، فاتضحت لهم آية ملكه، وأن نبيهم عليه السّلام صدقهم فيما أخبرهم.

ويقال إن الله تعالى جعل سكينة بنى إسرائيل فى التابوت الذي رضوا عن الألواح، وعصا موسى عليه السّلام، وآثار صاحب نبوتهم. وجعل سكينة هذه الأمة «٢» فى قلوبهم، فقال: «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ» ثم إن التابوت كان تتداوله أيدى الأعداء وغيرهم فمرّة كان يدفن ومرة كان يغلب عليه فيحمل، ومرة يرد ومرة ومرة ...

وأما قلوب المؤمنين فحال بين أربابها وبينها، ولم يستودعها ملكا ولا نبيا، ولا سماء ولا هواء، ولا مكانا ولا شخصا، وقال صلّى الله عليه وسلّم:


(١) وردت (كأنه) وهى خطأ فى النسخ.
(٢) يقصد أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>