للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها. ويوم هم على النار يحرقون ويعذّبون يقال لهم: قاسوا عقوبتكم، هذا الذي كنتم به تستعجلون.

والإشارة فيه إلى الذين يكذبون في أعمالهم لما يتداخلهم من الرياء، ويكذبون في أحوالهم لما يتداخلهم من الإعجاب، ويكذبون على الله فيما يدّعونه من الأحوال.. قتلوا ولعنوا.. وسيلقون غبّ تلبيسهم بما يحرمون من اشتمام رائحة الصدق.

قوله جل ذكره:

[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ١٥ الى ١٦]

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦)

فى عاجلهم في جنّات وصلهم وفي آجلهم في جنّات فضلهم فغدا درجات ونجاة، واليوم قربات ومناجاة، فما هو مؤجّل حظّ أنفسهم، وما هو معجّل حقّ ربّهم. هم آخذين اليوم ما آتاهم ربهم يأخذون نصيبهم منه بيد الشكر والحمد، وغدا يأخذون ما يعطيهم ربّهم في الجنة من فنون العطاء والرّفد.

ومن كان اليوم آخذه بلا واسطة من حيث الإيمان والإتقان، وملاحظة القسمة في العطاء والحرمان. كان غدا آخذه بلا واسطة في الجنان عند اللقاء والعيان. «إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ» كانوا ولكنهم اليوم بانوا «١» ولكنهم بعد ما أعدناهم حصلوا واستبانوا.. فهم كما في الخبر: «أعبد الله كأنك تراه ... » «٢» .

قوله جل ذكره:

[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ١٧ الى ١٨]

كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) .


(١) العارف كائن بائن (هذا رأى يحيى بن معاذ: رسالة القشيري ص ١٥٧) والمعنى أنه وإن بدا بين الناس يشاركهم ويعاشرهم إلا أنه مشتغل عنهم بمعروفه لا يشغل عنه طرفة عين.
(٢) جاء في الحلية عن زيد بن أرقم: «أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه نراك، وأحسب نفسك فى الموتى، واتق دعوة المظلوم» كذلك رواه الطبراني والبيهقي عن معاذ بلفظ: «أعبد الله ولا تشرك به شيئا واعمل كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى» .

<<  <  ج: ص:  >  >>