ويقال: لم يتوعّد- سبحانه- زلّة بمثل ما على هذا حين قال: «كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ» «١» .
قوله جل ذكره:
[[سورة الصف (٦١) : آية ٤]]
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤)
المحبة توجب الإثار، وتقديم مراد حبيبك على مراد نفسك، وتقديم محبوب حبيبك على محبوب نفسك. فإذا كان الحقّ تعالى يحبّ من العبد أن يقاتل على الوجه الذي ذكره فمن لم يؤثر محبوب الله على محبوب نفسه- أي على سلامته- انسلخ من محبته لربّه، ومن خلا من محبة الله وقع في الشقّ الآخر، فى خسرانه.
قوله جل ذكره:
[[سورة الصف (٦١) : آية ٥]]
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥)
لمّا زاغوا بترك الحدّ أزاغ الله قلوبهم بنقض العهد.
ويقال: لمّا زاغوا عن طريق الرّشد أزاغ الله قلوبهم بالصدّ والردّ والبعد عن الودّ.
ويقال: لمّا زاغوا بظواهرهم أزاغ الله سرائرهم.
ويقال: لمّا زاغوا عن خدمة الباب أزاغ الله قلوبهم عن التشوّق إلى البساط.
ويقال: لمّا زاغوا عن العبادة أزاغ الله قلوبهم عن الإرادة.
قوله جل ذكره:
[[سورة الصف (٦١) : آية ٦]]
وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦)
(١) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص) : «أتيت ليلة أسرى بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وقت (تمت وطالت) » قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: «هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ولا يفعلون، ويقرمون كتاب الله ولا يعلمون» . (ابو نعيم من حديث مالك بن دنيار عن ثمامة) .