للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: «وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ... » الآية: أذن للمضطر أن يترخّص فى عبور المسجد وهو على وصف الجنابة، فإذا عرج زائدا على قدر الضرورة فمعاتب غير معذور، وكذلك فيما يحصل من معاذير الوقت فى القيام بشرائط الوقت فمرفوعة عن صاحبه المطالبة به.

ثم إنه- سبحانه- بفضله جعل التيمم بدلا من الطهارة بالماء عند عوز الماء كذلك النزول إلى ساحات الفرق عن ارتقاء ذرة «١» الجمع- بقدر ما يحصل من الضعف- بدل لأهل الحقائق.

ثم إن التيمم- الذي هو بدل الماء- أعمّ وجودا من الماء، وأقلّ استعمالا من الأصل، فإن كل من كان أقرب كانت المطالبات عليه أصعب.

ثم فى الظاهر أمرنا باستعمال التراب وفى الباطن باستشعار الخضوع واستدامة الذبول «٢» .

وردّ التيمم إلى التقليل، وراعى فيه صيانة لرأسك عن التّراب ولقدمك فإنّ العزّ بالمؤمن- ومولاه باستحقاق الجلال- أولى من الذل لما هو مفلس فيه من الحال، ولئن كان إفلاسه عن أعماله يوجب له التذلّل فعرفانه بجلال سيّده يوجب كل تعزّز وتجمّل.

قوله جل ذكره:

[سورة النساء (٤) : الآيات ٤٤ الى ٤٦]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً (٤٥) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (٤٦)


فى مصنفاته الأخرى، وذلك نظرا لانبهام الكلمتين هنا لرداءة خط الناسخ (انظر حديث القشيري عن السكر فى الرسالة ص ٤١) .
(١) نرجح أنها في الأصل (ذروة الجمع) وأن الواو قد سقطت من الناسخ.
(٢) لأن فيه تذكيرا للانسان بأصله.

<<  <  ج: ص:  >  >>