للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت لهم قلوب من حيث الخلقة، فلمّا زايلتها صفاتها المحمودة صارت كأنها لم تكن فى الحقيقة. ثم إنه أخير أن العمى عمى القلب وكذلك الصمم، وإذا صحّ وصف القلب بالسمع والبصر صحّ وصفه بسائر صفات الحىّ من وجوه الإدراكات فكما تبصر القلوب بنور اليقين يدرك نسيم الإقبال بمشامّ السّرّ، وفى الخبر:

«إنى لأجد نفس ربكم من قبل اليمن» وقال تعالى مخبرا عن يعقوب عليه السلام:

«إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ» «١» وما كان ذلك إلا بإدراك السرائر دون اشتمام ريح فى الظاهر.

قوله جل ذكره:

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٤٧]]

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧)

عدم تصديقهم حملهم على استعمال ما توعدهم به، قال تعالى: «يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها» «٢» ولو آمنوا لصدّقوا، ولو صدّقوا لسكنوا. «وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ»

: أي إنّ الأيام عنده تتساوى، إذ لا استعجال له فى الأمور فسواء عنده يوم واحد وألف سنة إذ من لا يجرى عليه الزمان وهو يجرى الزمان فسواء عليه وجود الزمان، وعدم الزمان وقلة الزمان وكثرة الزمان.

قوله جل ذكره:

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٤٨]]

وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨)

: الإمهال يكون من الله- سبحانه وتعالى، والإمهال يكون بأن يدع الظالم فى ظلمه حينا، ويوسّع له الحبل «٣» ، ويطيل به المهل، فيتوهم أنه انفلت من قبضة التقدير، وذلك ظنه الذي


(١) آية ٩٤ سورة يوسف.
(٢) آية ١٨ سورة الشورى.
(٣) هكذا فى م ولكنها فى ص (الحيل) بالياء جمع حيلة، وربما تتأيد هذه بقوله فيما بعد (وكيف يستبقى بالحيلة ما حق فى لتقدير عدمه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>