الآية ما زادهم طول مقامه فيهم إلا شكا في أمره، وجهلا بحاله، ومرية في صدقه، ولم يزدد نوح- عليه السلام- لهم إلّا نصحا، وفي الله إلا صبرا. ولقد عرّفه الله أنه لن يؤمن منهم إلا الشّر ذمة اليسيرة الذين كانوا قد آمنوا، وأمره باتخاذ السفينة، وأغرق الكفار ولم يغادر منهم أحدا، وصدق وعده، ونصر عبده.. فلا تبديل لسنّته في نصرة دينه.
كرّر ذكر ابراهيم في هذا الموضع، وكيف أقام على قومه الحجّة، وأرشدهم إلى سواء المحجة، ولكنهم أصروا على ما جحدوا، وتعصبوا لما من الأصنام عبدوا، وكادوا لابراهيم كيدا.. ولكن انقلب ذلك عليهم من الله مكرا بهم واستدراجا. ولم ينجع فيهم نصحه، ولا وجد منهم مساغا وعظه.
لا يدرى أيهما أقبح.. هل أعمالكم في عبادة هذه الجمادات أم أقوالكم- فيما تزعمون كذبا- عن هذه الجمادات؟ وهي لا تملك لكم نفعا ولا تدفع عنكم ضرا، ولا تملك لكم خيرا ولا شرا، ولا تقدر أن تصيبكم بهذا أو ذاك.