للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال الطير فى الهواء، والسّمك فى الماء لا يصحّ شراؤهما لأنه غير ممكن تسليمهما، كذلك القلب ... صاحبه لا يمكنه تسليمه، قال تعالى:

«وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ» «١» وفى التوراة: «الجنّة جنتى والمال مالى فاشتروا جنتى بمالى فإن ربحتم فلكم وإن خسرتم فعلىّ» ويقال علم سوء خلقك فاشتراك قبل أن أوجدك، وغالى بثمنك لئلا يكون لك حقّ الاعتراض عند بلوغك.

ويقال ليس للمؤمن أن يتعصّب لنفسه بحال لأنها ليست له، والذي اشتراها أولى بها من صاحبها الذي هو أجنبي عنها.

ويقال أخبر أنه اشتراها لئلا يدّعى العبد فيها فلا يساكنها ولا يلاحظها ولا يعجب بها «٢» .

قوله: «فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ» سيّان «٣» عندهم أن يقتلوا أو يقتلوا، قال قائلهم:

وإنّ دما أجريته لك شاكر ... وإنّ فؤادا خرته لك حامد

ويقال قال: «فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ» ولم يقل بثمن مبيعكم لأنه لم يكن منّا بيع، وإنما أخبر عن نفسه بقوله «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» فجعل بيعه بيعنا، وهذا مثلما قال فى صفة نبيه- صلى الله عليه وسلم-: «وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى» وهذا عين الجمع الذي أشار إليه القوم.

قوله جل ذكره:

[[سورة التوبة (٩) : آية ١١٢]]

التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٢)

مدحهم بعد ما أوقع عليهم سمة الاشتراء بقوله «التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ... » ومن رضى بما اشتراه فإنّ له حقّ الردّ إذا لم يعلم العيب وقت الشّراء، فأمّا إذا كان عالما به


(١) آية ٢٤ سورة الأنفال. [.....]
(٢) لاحظ مدى التقاء القشيري- فيما يتصل بالنفس- بتعاليم أهل الملامة النيسابورية.
(٣) وردت (شتان) وهى- حسب ما هو واضح- خطأ فى النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>