للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال علم يوسف أن يعقوب لن يطيق على القيام بكفاية أمور يوسف فاستحضره، إبقاء على حاله لا إخلالا لقدره وما وجب عليه من إجلاله.

قوله جل ذكره:

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٩٤ الى ٩٥]

وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥)

ما دام البلاء مقبلا كان أمر يوسف وحديثه- على يعقوب- مشكلا، فلما زالت المحنة بعثرت بكل وجه حاله.

ويقال لم يكن يوسف بعيدا عن يعقوب حين ألقوه فى الجبّ ولكن اشتبه عليه خبره وحاله، فلما زال البلاء وجد ريحه وبينهما مسافة ثمانين فرسخا- من مصر إلى كنعان.

ويقال إنما انفرد يعقوب عليه السلام بوجدان ريح يوسف لانفرداه بالأسف عند فقدان يوسف. وإنما يجد ريح يوسف من وجد على فراق يوسف «١» فلا يعرف ريح الأحباب إلا الأحباب، وأمّا على الأجانب فهذا حديث مشكل.. إذ أنّى يكون للإنسان ريح!؟.

ويقال لفظ الريح هاهنا توسع «٢» ، فيقال هبّت رياح فلان، ويقال إنى لأجد ريح الفتنة..

وغير ذلك.

قوله جل ذكره: لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ تفرّس فيهم أنهم يبسطون لسان الملامة فلم ينجع فيهم قوله، فزادوا في الملامة فقالوا: - قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ قرنوا كلامهم بالشتم، ولم يحتشموا أباهم، ولم يراعوا حقّه فى المخاطبة، فوضفوه بالضلال فى المحبة.

ويقال إن يعقوب عليه السلام قد تعرّف من الريح نسيم يوسف عليه السلام، وخبر يوسف كثر حتى جاء الإذن للرياح، وهذه سنّه الأحباب: مساءلة الديار ومخاطبة الأطلال، وفى معناه أنشدوا:


(١) لاحظ الجمال فى أسلوب القشيري فى (يجد) ريح يوسف و (وجد) على فراقه.
(٢) كلمة (توسع) يستخدمها القشيري بمعنى (مجاز) - ذلك الاصطلاح البلاغى المعروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>