مجاهرة الرد تعجّل العقوبة فإن من ماكر الحقيقة أبدت الحقيقة له من مكامن التقدير ما يلجئه إلى التطوّح فى أوطان الذّلّ.
ويقال حيّرهم فى مفاوزهم حتى عموا عن القصد فصاروا يبيتون حيث يصبحون، بعد طول التعب وإدامة السير، وكذلك من حيّره الله فى مفاوز القلب يتقلب ليلا ونهارا فى مطارح الظنون ثم لا يحصل إلا على مناهل الحيرة، فيحطون بحيث يرحلون عنها، فلا وجه للرأى الصائب يلوح لهم، ولا خلاص من بعده للتجويز يساعدهم، والذي التجأ إلى شهود الصمدية استراح عن نقلة فكره، ووقع فى روح الاستبصار بعد أتعاب التوهم.
كانت الدنيا بحذافيرها فى أيديهما فحسد أحدهما صاحبه، فلم يصبر حتى أسرع فى شىء بإتلافه، وحين لم يقبل قربانه اشتد حسده على صاحبه، ورأى ذلك منه فهدّده بالقتل.