عارفا، وكل جزء من العلم تحصل له آية ودليل، فللعالم حتى يكون عارفا بربّه آيات ودلائل، لأن دليل هذه المسألة خلاف دليل تلك المسألة فبدليل واحد يعلم وجه النظر، وبأدلة كثيرة يصير عارفا بربه.
الليل والنهار ظرفا الفعل، والناس فى الأفعال مختلفون: فموفّق ومخذول فالموفّق يجرى وقته فى طاعة ربه، والمخذول يجرى وقته فى متابعة هواه.
العابد يكون فى فرض يقيمه أو نفل يديمه، والعارف فى ذكره وتحصيل أوراده بما يعود على قلبه فيؤنسه، وأما أرباب التوحيد فهم مختطفون عن الأحيان والأوقات بغلبة ما يرد عليهم من الأحوال كما قيل:
لست أدرى أطال ليلى أم لا ... كيف يدرى بذاك من يتقلّى؟
لو تفرّغت لاستطالة ليلى ... ورعيت النجوم كنت مخلّا
أقوام خلق لهم فى الأرض الرياض والغياض «١» ، والدور والقصور، والمساكن والمواطن، وفنون النّعم وصنوف القسم.. وآخرون لا يقع لهم طير على وكر، ولا لهم فى الأرض شبر لا ديار تملكهم، ولا علاقة تمسكهم- أولئك سادات الناس وضياء الحق.
(١) الغياض جمع غيضة وهى الموضع يكثر فيه الشجر ويلتف.