للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل الخطاب انّ من أذن له فى الشفاعة تنفعه الشفاعة، وإذا قبلت شفاعة أحد بإذن الرحمن فمن المحال ألّا تقبل شفاعة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وهو أفضل الكافة، وشفاعة الأكابر من صفوته مقبولة فى الأصاغر في المؤجّل وفى المعجّل. والحقّ سبحانه يشفّع الشيوخ فى مريديهم اليوم «١» ويقال شفاعة الرسول عليه السلام غدا للمطيعين بزيادة الدرجة، وللعاصين بغفران الزّلّة، كذلك شفاعة الشيوخ- اليوم- للمريدين على قسمين: للذين هم أصحاب السلوك فبزيادة التحقيق والتوفيق، وللذين هم أصحاب التّخبّط والغرّة فبالتجاوز عنهم، وعلى هذا يحمل قول قائلهم:

إذا مرضتم أتيناكم نعودكم ... وتذنبون فنأتيكم ونعتذر!

وحكايات السّلف من الشيوخ مع مريديهم فى أوقات فترتهم معروفة، وهى مشاكلة لهذه الجملة، وإن شفاعتهم لا تكون إلا بتعريف من قبل الله فى الباطن، ويكون ذلك أدبا لهم فى ذلك قوله جل ذكره:

[[سورة طه (٢٠) : آية ١١٠]]

يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (١١٠)

لا يخفى على الحق شىء مما مضى من أحوالهم ولا من آتيها، ولا يحيطون به علما.

والكناية «٢» فى قوله: «بِهِ» يحتمل أن يعود إلى ما بين أيديهم وما خلفهم، ويحتمل أن يعود إلى الحقّ- سبحانه-، وهو طريقة السّلف يقولون. يعلم الخلق ولا يحيط به العلم كما قالوا: إنه يرى ولا يدرك.

قوله جل ذكره:

[[سورة طه (٢٠) : آية ١١١]]

وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١) .


(١) بينما ينكر المعتزلة الشفاعة (أنظر الملل والنحل للشهرستانى) يثبت القشيري الشفاعة لا للرسول فقط بل للأولياء فى الدارين، وللشيوخ في هذه الحياة الدنيا.. على نحو ما هو واضح من إشارته.
(٢) الكناية فى تعبير القشيري معناها (الضمير) ، وهو هنا الهاء فى (به) .

<<  <  ج: ص:  >  >>