ثم اختلفت الرواية عن ابن عباس ففى رواية أنه رآه بعين رأسه، وفي رواية أنه رآه بقلبه. وقال أهل التحقيق من أهل السّنّة: اختلافهم في هذه المسألة دليل على إجماعهم أن الحق سبحانه يجوز أن يرى لأنه لولا أنّهم كانوا متفقين على جواز الرؤية لم يكن لاختلافهم في الرؤية في تلك الليلة معنى. وقد رويت في هذا الباب أخبار، والله أعلم بصحتها، فإن صحّ ذلك فلها وجوه من التأويل، من ذلك ماءروى أنه قال: «رأيت ربى في أحسن صورة» - فهذا الخبر يحتمل وجوها منها: رأيت ربى وأنا في أحسن صورة يعنى في أكمل رتبة وأتم فضيلة، وأقوى ما كنت لم يصحبنى دهش، ولا رهقتنى حيرة. ويمكن أن تكون الرؤية بمعنى العلم، أي رأيت من قدرة الله تعالى ودلائل حكمته، ولم يشغلنى شهود الصور عن ذكر المصوّر، بل رأيت الفاعل في الفعل. وقيل: الصورة بمعنى الصفة، يقال: أرنى صورة هذا الأمر أي: صفته. و «فى» على معنى «على» أي رأيت ربى على أحسن صفة من جلالة وصفه وإفضاله معى.