الإنزال المبارك أن يكون بالله ولله، وعلى شهود الله من غير غفلة عن الله، ولا مخالفا لأمر الله ويقال الإنزال المبارك الاستيعاب بشهود الوصف عنك، ثم الاستغراق باستيلاء سلطان القرب عليك، ثم الاستهلاك بإحداق أنوار التجلّى حتى لا تبقى عين ولا أثر، فإذا تمّ هذا ودام هذا فهو نزول بساحات الحقيقة مبارك لأنك بلا أنت.. بكليتك من غير بقية أو أثر عنك.
تتابعت القرون على طريقة واحدة فى التكذيب، وغرّهم طول الامهال، وما مكنّهم من رفه العيش وخفض الدّعة، فلم يقيسوا إلا على أنفسهم، ولم يسم لهم طرف إلى من فوقهم فى الحال والمنزلة، فقالوا: أنؤمن بمن يتردد فى الأسواق، وينتفع مثلنا بوجوه الأرفاق؟
ولئن أطعنا بشرا مثلنا لسلكنا سبيل الغىّ، وتنكبنا سنّة الرّشد. فأجراهم الله فى الإهانة وإحلال العقوبة بهم مجرى واحدا، وأذاقهم عذاب الخزي. وأعظم ما داخلهم من الشّبهة والاستبعاد أمر الحشر والنشر، ولم يرتقوا للعلم بأنّ الإعادة كالابتداء فى الجواز وعدم الاستحالة، والله يهدى من يشاء ويغوى من يريد.
ثم إن الله فى هذه السورة ذكر قصة موسى عليه السلام، ثم بعده قصة عيسى عليه السلام، وخصّ كلّ واحد منهم بآياته الباهرة ومعجزاته الظاهرة «١» .