هوّن على المؤمنين وأصحاب البصائر ما لقوا من عظيم الفتنة يوم أحد، بأن قال إن ذلك أجمع كان بإذن الله، وإنّ بلاء يصيب بإذن الله لمن العسل أحلى، ومن كل نعيم أشهى.
ثم أخبر أن الذين لم يكن لهم فى الصحبة خلوص كيف تعللوا وكيف تكاسلوا:
وكذا الملول إذا أراد قطيعة ... ملّ الوصال وقال كان وكانا
قوله تعالى:«يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ» فلا جرم (سقوا العسل ودسّوا له فيه الحنظل)«١» ، ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين.
الذين ركنوا إلى ما سوّلت لهم نفوسهم من إيثار الهوى، ثم اعترضوا على من يصرف أحكام القضاء وقالوا لو تحرّزا عن البروز للقتال لم يسقطوا عن درجة السلامة.. لمذمومة تلك الظنون، ولذاهبة عن شهود التحقيق تلك القلوب.
(١) هكذا يمكن أن تقرأ هذه العبارة لو بنى الفعلان فيها للمعلوم، أما لو بنيا للمجهول فإن الجزء الثاني منها يكون (ودس لهم فيه الحنظل) . فالفاعل فى الحالة الأولى يكون ضميرا يعود على المنافقين، ونائب الفاعل فى الحالة الثانية يكون المولى عز وجل وما جاء فى النسخة (ص) يرجح الثانية، وإن كنا نميل للأولى.