للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن سام «١» الناس ظلما وخسفا فبقدر ظلمه يعذّبه الله- سبحانه وتعالى- فى الوقت بتنغيص العيش، واستيلاء الغضب من كلّ أحد عليه، وتترجّم ظنونه وتتقسّم أفكاره فى أحواله وأشغاله. ولو ذاق من راحة الفراغ وحلاوة الخلوة شظية لعلم ما طعم الحياة..

ولكنّ حرموا النّعم، وما علموا ما منوا به من النّقم.

قوله جل ذكره:

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٥٩]]

وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (٥٩)

«٢» أجرى الله سنّته أنه إذا أظهر آية اقترحتها أمّة من الأمم ثم لم تؤمن بها بعد إظهارها أن يعجّل لها العقوبة، وكان المعلوم والمحكوم به ألا يجتاح العذاب القوم الذين كانوا فى وقت الرسول- عليه السلام- لأجل من فى أصلابهم من الذين علم أنهم يؤمنون فلذلك أخّر عنهم العذاب الذي تعجّلوه «٣» .

وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً التخويف بالآيات ذلك من مقتضى تجمله فإنّ لم يخافوا وقع عليهم العذاب. ثم إنه علم أنه لا يفوته شىء بتأخير العقوبة عنهم فأخّر العذاب، وله أن يفعل ما يشاء بمقتضى حكمه وعلمه.

قوله جل ذكره:

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٦٠]]

وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً (٦٠)


(١) وردت (صام) بالصاد وهى خطأ فى النسخ.
(٢) اختار من الآيات التي اقترحها الأولون ناقة صالح (عم) لأن آثار هلاكهم قريبة من حدودهم يبصرها صادرهم وواردهم.
(٣) عن عائشة رضى الله عنها ( ... نادانى ملك الجبال فسلم علىّ ثم قال:
يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وقد بعثني ربى إليك لتأمرنى بأمرك فما شئت؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين (جبلين يحيطان بمكة) فقال النبي (ص) : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>